لنتعرّف على معنى "البصمة الرقمية"، وكيف يتم بناؤها، وما هي عواقبها على حياتنا.
ما هي "البصمة الرقمية"؟
يمكن تعريف "البصمة الرقمية" أو "السمعة على الإنترنت" على أنها السلوك الفردي الذي يمكن تتبّعه في بيئة الإنترنت، بما في ذلك المحتوى الذي ينشره الشخص وحتى ما ينشره الآخرون عن ذلك الشخص.
- بعبارات بسيطة، فإن البصمة الرقمية هي كل ما تتركه من أثر عند استخدامك للإنترنت.
- يمكن أيضًا الإشارة إلى البصمة الرقمية على أنها ملف رقمي، أو ظل رقمي، تشبيهاً بظلّك الذي يتبعك باستمرار، بل ويطلق عليها في بعض الأحيان اسم "الوشم الرقمي"، لأنها تلازمك على الدوام ولا يمكنك مسحها أبداً (أو على الأقل لا يمكنك محوها بسهولة دون أن يبقى لها أثر!).
- وعلى هذا النحو، يمكننا القول إنه بمجرد وصول المعلومات إلى الإنترنت، يصبح من الصعب حذفها، ويمكن نشرها بسهولة وبسرعة.
- ولذلك، يجب أن تفترض أن بصمتك الرقمية دائمة نسبيًا ويمكن للآخرين رؤيتها، أو يمكن تتبّعها في قاعدة بيانات.
- حتى عندما تكون حساباتك خاصة، فإن آثار البيانات تبقى موجودة، وتكون سيطرة المستخدم على طريقة استخدامها محدودة للغاية.
أنواع البصمة الرقمية:
عموماً، يوجد نوعان من آثار البيانات التي تكوّن بصمتنا الرقمية: النشطة والسلبية.
آثار البيانات النشطة هي تلك التي يتركها المستخدم عن قصدٍ مثل التعليقات، والإعجاب، والنشر على منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام وتويتر.
أما آثار البيانات السلبية فهي غير مقصودة؛ ويتم تركها إما من قبل مستخدمين آخرين، كأن ينشر صديق صورة لك، أو يتفاعل معك عبر الإنترنت، أو من خلال الأنشطة التي يقوم خلالها المستخدم في بعض الأحيان بتقديم بياناته، مثل التسوق عبر الإنترنت، وزيارة المواقع الإلكترونية، وإجراء عمليات البحث عبر الإنترنت.
إضافة إلى ذلك، قد يتم جمع البيانات من خلال ملفات تعريف الارتباط (cookies)، وهي ملفات يتم إنشاؤها عندما تزور موقعاً إلكترونياً لأول مرة، ويتم حفظها على جهاز الكمبيوتر الخاص بك لتتبع نشاطك عندما تزور الموقع مرة أخرى.
كيف نترك بصمتنا الرقمية؟
هناك العديد من الطرق التي نترك بها البصمات الرقمية؛ ومن بين أكثر الطرق شيوعاً نذكر:
- التسوق عبر الإنترنت، وعمليات البحث، وزيارة المواقع الإلكترونية
- بعد قيام المستخدم بشراء منتج عبر الإنترنت مباشرة، تبدأ إعلانات المنتجات المماثلة في الظهور على مواقع إلكترونية أخرى يزورها المستخدم. وهذا دليل على أن ملفات تعريف الارتباط يتم حفظها كأثر للنشاط على الإنترنت.
- شبكات التواصل الاجتماعي
- أي تفاعل تقوم به على منصات التواصل الاجتماعي يتم تتبعه من قبل المنصة المعنية، بما في ذلك النشر، والمشاركة، والإعجاب، والتعليق، وإعادة التغريد، وغيرها.
- أي نشاط يتم على الأجهزة الرقمية مثل أجهزة الكمبيوتر، والأجهزة اللوحية، والهواتف الذكية وغيرها.
- يميل بعض المستخدمين إلى استخدام أجهزة متعددة للدخول إلى نفس المواقع أو المنصات. وتقوم هذه المواقع بتتبع عادات المستخدم لإنشاء ملف مفصّل عنه.
- يميل بعض المستخدمين إلى استخدام أجهزة متعددة للدخول إلى نفس المواقع أو المنصات. وتقوم هذه المواقع بتتبع عادات المستخدم لإنشاء ملف مفصّل عنه.
لماذا يُعد التحكم في بصمتك الرقمية أمراً مهماً؟
- في الماضي، وقبل ظهور الإنترنت، كان الناس يشاركون حياتهم الخاصة مع الآخرين عبر المكالمات الهاتفية، أو "المذكرات السرية" أو الرسائل، وغيرها من الوسائل التقليدية.
- لذلك، لم تكن مشاركة المعلومات الشخصية أمراً خطيراً، ولم تكن عواقبها وخيمة.
- أما اليوم، فإن أي معلومات تتم مشاركتها عبر الإنترنت بإمكانها أن تصل إلى جمهور عالمي.
- لا شكّ أن شبكة الويب العالمية تتابع النشاط الشخصي عبر الإنترنت في كل مرة يتم استخدامها (حتى عند استخدام وضع التصفح المتخفي)، لذلك من المهم أن نفهم الأثر الذي نتركه خلفنا عند زيارة أي موقع إلكتروني.
- إن الصور التي تتم فيها الإشارة إلى الأشخاص، ومنشورات المدوّنات، والتفاعلات الاجتماعية عبر الإنترنت، تحدد نظرة الآخرين للأفراد سواءً في العالم الرقمي أو خارجه، الآن وفي المستقبل.
- يمكن إساءة تفسير الصور والكلمات وتغييرها عندما يتم تناقلها وتداولها بين الناس.
- قد يتسبب المحتوى المخصص لمجموعة صغيرة من الأصدقاء في حدوث مشكلات عند مشاركته مع الآخرين خارج تلك المجموعة.
- يمكن أن تؤثر السمعة الرقمية السيئة على الصداقات والعلاقات وحتى على فرص العمل والتعليم.
- في الواقع، يبحث أصحاب العمل في يومنا هذا عن البصمة الرقمية للموظفين المحتملين، لأنها قد تكون أكثر أهمية من السيرة الذاتية!
- لذلك، من الضروري أن تعمل على حماية بصمتك الرقمية، وأن تكون على وعي بالصورة التي تعكسها عن نفسك على الإنترنت.
في هذا العصر الرقمي، يستحيل ألاّ يكون للمرء بصمة رقمية. إذاً، ما هي الطرق التي يمكننا من خلالها حماية بصمتنا الرقمية والتأكد من أنها مدعومة بمحتوى إيجابي يساعد في بناء صورة جيّدة عنا تعزز فرصنا المستقبلية في العمل والتعليم؟
- من الطبيعي تماماً أن يكون الشباب أكثر استخداماً للإنترنت وأكثر عرضة للمخاطر، فهذه آلية طبيعية بالنسبة لهم ليتعلموا ويستكشفوا العالم من حولهم.
- لا يمكننا حماية الأطفال من كل شيء، ولكن بإمكاننا إرشادهم بلطف حول كيفية إنشاء بصمة رقمية إيجابية.
- العالم الرقمي موجود ليبقى، لذلك فإنه من غير العملي الاعتماد على أساليب التخويف ومحاولة منع الأطفال من الوصول إليه.
- عموماً، هناك حاجة كبيرة لرفع مستوى الوعي لدى كل من الكبار والأطفال حول ماهية البصمة الرقمية، وأهمية حماية البصمات الرقمية وتشكيلها، والتأكد من أنها دقيقة وقوية وإيجابية.
- بدلاً من قطع اتصالهم بالإنترنت كُلياً، كيف يمكننا تغذية فضول الأطفال والسماح لهم بالاتصال بأمان مع العالم وتحويل هذا الفضول إلى وسيلة هادفة للإبداع والابتكار.
- في حين تقوم العديد من المنصات بتثقيف الجماهير حول المنصات الرقمية باستخدام نهج غير مفيد وقائم على الخوف، فقد ارتفعت اليوم مستويات الوعي وبدأ هذا النهج يتغير ليصبح أكثر إيجابية.
وفيما يلي الطرق الرئيسية التي يمكن من خلالها حماية البصمة الرقمية وتحسينها:
- التثقيف وزيادة الوعي بمفهوم البصمة الرقمية، وكيفية إنشائها، وعواقبها المحتملة، الإيجابية والسلبية على حد سواء.
- إلهام الآخرين للتفكير في الطريقة التي يمكنهم من خلالها الإسهام بشكل أفضل في العالم الرقمي، وبطريقة إيجابية تبرز أفضل ما لديهم. وقد يكون ذلك من خلال مشاركة مواهبهم الإبداعية كنشر مقال أو عمل فني أو قطعة موسيقية أو مشاركة إنجازاتهم الرياضية.
- ينبغي أن نعلم أنه على الرغم من إمكانية ضبط إعدادات الحساب لجعله "خاصاً"، إلا أنه لا يوجد شيء خاص حقًا على الإنترنت، حيث يمكن اختراق الحسابات الخاصة. علاوة على ذلك، يمكن للشركات أن تقرر ببساطة تغيير سياسات الخصوصية الخاصة بها. ولذلك، إذا كان هنالك شيءٌ لا نريد أن يراه الآلاف من الأشخاص أو حتى بعض أفراد أسرتنا يوماً ما، فربما يجب علينا التفكير جيداً قبل مشاركته عبر الإنترنت.
- تولّي زمام الأمور والتحكم في رحلة بصمتنا الرقمية، بدلاً من السماح للآخرين بتحديد الاتجاه والشكل الذي تتخذه هذه البصمة الرقمية.
- الجزء الصعب فيما يتعلق بالبصمة الرقمية، هو أننا لسنا دائماً قادرين على التحكم فيها. تذكر أن البصمات الرقمية يمكن أن تكون نشطة، أي المحتوى أو التفاعلات التي يختار المرء نشرها على الإنترنت. ويمكن أن تكون سلبية وخارجة عن سيطرتنا؛ "كأن يقوم الآخرون بتغيير صورنا، وتخزين البيانات والوصول إليها دون علمنا. كما قد يتم تحريف كلماتنا، ويمكن أن يُساء فهم نوايانا. ويمكن كذلك مشاركة تفاعلاتنا الشخصية، والإشارة إلى الأشخاص دون موافقتهم. لذلك، لا يمكننا افتراض أننا نتحكم دوماً في بصمتنا الرقمية". وبالتالي، يجب أن نفترض أننا مراقبون طوال الوقت.
الخطوات الرئيسية لحماية بصمتنا الرقمية:
- توقّف وتفكّر في أي محتوى قبل نشره أو مشاركته عبر الإنترنت. قبل نشر أي محتوى على موقع إلكتروني عام، تخيل لو رآه صاحب عمل في المستقبل أو لو كان على الصفحة الأولى في إحدى الصحف.
- قد تتم مشاركة المعلومات أو الآراء الشخصية المرسلة إلى شخصٍ واحد مع جمهور أكبر. لذلك، فكر جيّداً قبل مشاركة أي محتوى مع صديق أو أي مستخدم آخر في العالم الرقمي.
- قد يكون استخدام محرك البحث Google أو محركات بحث متعددة أخرى للبحث عن اسمك عادة مفيدة في هذا السياق. يمكن أن تجرب البحث عن اسمك متضمناً الأخطاء الإملائية الشائعة كذلك.
- يجب تعطيل أو حذف الحسابات القديمة أو غير النشطة.
- يجب أن تبقى بعض التفاصيل الشخصية خاصة. ويجب التحكم في إعدادات الخصوصية على الحسابات عبر الإنترنت. ضع حساباتك الشخصية في وضعية "الخاص" - وتحقق من الإعدادات بين الحين والآخر لتتأكد من أنها لم تتغير.
- عليك احترام البصمات الرقمية للآخرين (كأن تسألهم قبل الإشارة إليهم في الصور). تحلّى بالاحترام وكن مسؤولاً على الإنترنت، وتذكر دائمًا هذه القاعدة الذهبية: عامل الآخرين على الإنترنت بنفس الطريقة التي تريد أن تُعامل بها. راقب أيضًا الصور التي يقوم أصدقاؤك بالإشارة إليك فيها وقم بحذف الصور المسيئة.
- تذكر أن تقوم بإلقاء نظرة سريعة على البنود والشروط قبل الاشتراك في أي شيء عبر الإنترنت. حيث تستمر بعض التطبيقات في جمع البيانات حتى بعد حذفها.
- يمكن استخدام إعدادات Google Alert لإرسال تنبيهات عند نشر أي محتوى عن اسم معين عبر الإنترنت. وتُعدّ هذه طريقة جيدة لتتبع بصمة أطفالنا وبصمتنا الرقمية .
قد نشعر بالندم بعد قول أو نشر شيء ما على الإنترنت أو مشاركة معلومات شخصية دون قصدٍ منا وبسبب قلّة الوعي. وفي حالات أخرى، قد يحاول مستخدمون آخرون الإساءة إلى سمعتنا في العالم الرقمي والإنترنت. ما الذي يمكننا فعله لتنظيف بصمتنا الرقمية وتحسين سمعتنا في العالم الرقمي والإنترنت؟
ماذا لو أدركنا أننا ارتكبنا أخطاءً قد تلحق الضرر ببصمتنا الرقمية؟
-
تُعد معرفة هذه المشكلة خطوة إيجابية في حد ذاتها!
-
هناك العديد من الخيارات الممكنة للتخلص من أي محتوى غير مناسب أو ضار أو ببساطة غير مرغوب فيه، وذلك اعتمادًا على موقع ذلك المحتوى.
- إذا كان المحتوى غير المرغوب فيه موجودًا على أحد المواقع الإلكترونية، فمن الممكن عادةً الاتصال بالموقع أو مسؤولي الموقع مباشرةً من خلال الوسائل المتوفرة (البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية القصيرة أو المكالمات الهاتفية) لشرح السبب وراء طلب حذف المحتوى.
- إذا ظهر المحتوى غير المرغوب فيه عبر محركات البحث، فإن أنظمة حماية البيانات الحديثة تمكّن المستخدمين من مطالبة محركات البحث بإزالة المحتوى الشخصي غير المرغوب فيه.
- أما على وسائل التواصل الاجتماعي، فيتم نشر المحتوى غير المناسب في بعض الأحيان من قبل المستخدم نفسه، وفي هذه الحالة يمكنه حذفه.
كيف ينبغي أن نتصرف مع المستخدمين الآخرين أو الأصدقاء الذين يقومون بالإشارة إلينا في المحتوى غير المرغوب فيه أو غير المناسب؟
- اطلب منهم أولاً إزالة الصورة بلُطف. إذا رفضوا ذلك، فمن الممكن الاتصال بالموقع الإلكتروني أو منصة التواصل الاجتماعي لحذفه، نظرًا لأنه تم نشره دون موافقة منك.
- تذكر أنه من غير المجدي وغير اللائق الانتقام بنشر صورة سيئة لأحد الأصدقاء لمجرد أنهم فعلوا الأمر نفسه. فاجتماع خطأين لا يؤدي إلى صواب!
للحفاظ على بصمتك الرقمية في المستقبل:
- ابحث بانتظام عن اسمك ولقبك متضمناً الأخطاء الإملائية المحتملة كذلك.
- يمكن استخدام إعدادات Google Alert لتلقي تنبيهات عند نشر أي محتوى متعلق بك عبر الإنترنت.